قصة قصيرة بعنوان " إشارة حمراء "

أوقفتني الإشارة المرورية وسط جمهرة من السيارات,لا أدري ما الذي دفعني نحو مراقبة ما يفعله بعض الناس في دقيقة الانتظار, على يميني سيارة تقل مجموعة من الشباب تحيط بهم سحابة سديمية,لا يكفون عن نفث الدخان والنوافذ مغلقة!..وبدون إرادة مني انتقل بصري إلى سيارة أمامهم.. رجلان صامتان كالجبال الرواسي,وكأنهما عائدان للتو من جنازة,فوقفا عند الإشارة دقيقة صمت.. التفت يسارا وإذا بأطفال مع والديهم يلعبون ويمرحون, يفتحون النوافذ ويغلقونها, ويفرشون الطريق بمخلفات أطعمتهم,وكأنهم استغلوا وقوفهم لتنظيف السيارة, اتجهت بنظري للسيارة التي أمامهم, وإذا بشاب مع زوجته ملفوفين بمناجاة رومانسية عنوان بداية مشروع زواج أو قبل ذلك بقليل,لما رأيته من ابتسامات موسيقية, حولت بصري إلي الأمام فإذا بمجموعة من المراهقين يضجون بالرقص حتى شاركتهم السيارة رغما عنها بالرقص على أنغام الموسيقى الصاخبة, حملقت في مرآة سيارتي الأمامية فرأيت رجلا يرصد حساباته, يعد النقود ويتأفف,يبدو أن اليومية لم تكن بمستوى مصروفه,فأشرك أصابعه العشرة في عد النقود.. اتجهت بنظري إلى جانبه, كانت سيارة نقل كبيرة تحمل مجموعة من العمال الآسيويين. تراكموا فوق بعضهم.. وعلى وجوههم لوحات تمزج بين الأمل والانتظار والشوق إلى الأهل والوطن, ولوحة أخرى لم أفهمها رغم محاولاتي اليائسة.. تمزقت تأملاتي حين عزفت السيارات من خلفي سيمفونية متقطعة, التفت فإذا بالضوء استحال أخضر.